ميلانو تشتعل غضباً

ميلانو تشتعل غضباً: زلزال المتظاهرين يغلق الساحات ويهزّ الصمت!
**بقلم: محمد عقيل**
—
ميلانو.. المدينة التي رفضت السكون!
لم تعد ميلانو، عاصمة الموضة والأناقة الإيطالية، مجرد مدينة للعمل والازدهار الاقتصادي. لقد تحوّلت في لحظة تاريخية فارقة إلى **ساحة معركة للضمير**! ففي موجة غضب عارمة، خرجت **عشرات الآلاف** من الحناجر الصارخة، لا تطالب برفاهية أو زيادة رواتب، بل ترفض الصمت القاتل وتعلن تضامنها الأبدي مع الحق الفلسطيني. لم تكتفِ الحشود بالمرور العابر، بل ضربت بعرض الحائط كل حسابات الروتين، لتُغلق الشوارع الرئيسية، وتُشل حركة المرور، وتُحوّل محطة القطارات المركزية، **ميلانو تشينترالي**، إلى أيقونة للرفض الشعبي الصارخ.
هذا ليس مجرد احتجاج، بل هو **ثورة شعبية** على التواطؤ، وإعلان بأن الإنسان الإيطالي لم يعد يقبل أن يكون شريكاً صامتاً في مأساة التاريخ.
—
عندما يصبح “الإغلاق” سلاحاً
في قلب ميلانو، كان الشعار يهزّ الجدران والجسور: **”لنوقف كل شيء!” (Blocchiamo tutto)**. لم يكن هذا تهديداً، بل كان تنفيذاً.
لقد استجاب عشرات الآلاف لنداء **الإضراب العام** الذي دعت إليه النقابات الشعبية. وعندما يضرب العمال والطلاب والمواطنون، تتوقف حياة المدينة، ويتحول هذا الشلل إلى **ضغط سياسي لا يُقاوم**. لقد شهدت المدينة اشتباكات عنيفة مع قوى الأمن، وحطمت واجهات، وتطاير الغاز المسيل للدموع في الهواء، في مشهد جسّد مدى اليأس والغضب المتراكم من الموقف الحكومي المتردد.
المتظاهرون لم يكتفوا باللافتات، بل مارسوا **الحصار الشعبي**، أغلقوا خطوط المترو، وأوقفوا حركة القطارات، ليُعلنوا بوضوح: **”إذا لم تتوقف الحرب في غزة، فستتوقف الحياة هنا في ميلانو!”** هذا التكتيك الجريء حوّل الساحات من نقاط عبور إلى **نقاط ارتكاز للرفض العالمي**.
—
رسالة ميلانو: أوروبا لن تصمت!
إن خروج هذه الأعداد الهائلة، ليس فقط لإدانة الحرب، بل للمطالبة بـ **وقف فوري لتصدير الأسلحة** والمحاسبة الجدية للمتسببين في المجازر، يُثبت أن نار الوعي الإنساني ما زالت متقدة تحت رماد السياسات الرسمية الباردة.
لقد أثبتت ميلانو أن **الضمير لا يمكن أن يخضع لمنطق السوق أو السياسة**. في هذه المدينة التي تُمثل القلب الاقتصادي لإيطاليا، ارتفعت أصوات العمال والمثقفين والشباب لتعلن: **لن نقبل أن يُبنى ازدهارنا على الصمت أمام الظلم والدمار في أي مكان في العالم!**
إن هذه التظاهرات الحماسية هي أكثر من مجرد خبر عاجل؛ إنها **نذير تغيير**. إنها صرخة مدوية مفادها أن الشارع الإيطالي، والعالمي، لن يهدأ حتى يتحقق العدل وتُفتح أبواب الأمل. ميلانو تتظاهر، وميلانو تغضب، وميلانو تقول: **كفى!**