سياسة

الولايات المتحدة في 2025

الولايات المتحدة في 2025: رمال متحركة على الصعيدين الداخلي والخارجي
بقلم: إسلام سيف
شهدت الولايات المتحدة الأمريكية دخول عام 2025 في ظل مشهد سياسي واقتصادي معقد، حيث عادت البلاد إلى قيادة الرئيس دونالد ترامب الذي بدأ ولايته الثانية محمّلاً بأجندة إصلاحية جذرية أثارت جدلاً واسعاً محلياً ودولياً. إن الأوضاع الراهنة تتسم بتقلبات عميقة، وتضع أكبر قوة عالمية على مفترق طرق حاسم.
الشؤون الداخلية: شبح “مشروع 2025” والاستقطاب العميق
يشكل الجدل حول “مشروع 2025″، الذي تتبناه مؤسسة التراث المحافظة، نقطة محورية في المشهد الداخلي. يهدف المشروع إلى إعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية بشكل يعزز من سلطة الرئيس التنفيذية ويقلص من صلاحيات البيروقراطية الحكومية، تنفيذاً للأيديولوجية المحافظة. وبينما يرى مؤيدو المشروع أنه ضروري “لإعادة الولايات المتحدة إلى مسارها الصحيح”، يعبر المنتقدون عن مخاوفهم الجدية من تقويض التوازن بين السلطات وتعميق الاستقطاب السياسي.
بالإضافة إلى التحولات السياسية المحتملة، لا يزال الاقتصاد الأمريكي يواجه تحديات، أبرزها التضخم وعدم اليقين بشأن مسار أسعار الفائدة. تتوقع بعض التحليلات استمرار نمو الاقتصاد في عام 2025، لكن بوتيرة أبطأ، وقد تؤدي السياسات الاقتصادية الجديدة للإدارة، خاصة تلك المتعلقة بفرض رسوم جمركية مرتفعة، إلى زيادة التضخم وتباطؤ النمو على المدى المتوسط، ما ينعكس سلباً على تكاليف المعيشة وقروض الرهن العقاري.
على المستوى الاجتماعي والحقوقي، تستمر قضايا العدالة العرقية وحقوق المهاجرين والحقوق الإنجابية في صدارة الاهتمامات. عودة ترامب أثارت مخاوف متجددة بشأن سياسات الحدود المتشددة والتهديدات التي قد تشكلها إدارته على مجموعة واسعة من الحقوق المدنية والمؤسسات الديمقراطية.
السياسة الخارجية: الانكفاء المتزايد وعدم اليقين العالمي
على الصعيد الدولي، تتجه الولايات المتحدة نحو الانكفاء على الذات بشكل متزايد، مع إعطاء الأولوية للقضايا المحلية. هذا التحول خلق شعوراً بـ “عجز في القيادة العالمية”، حيث لا يوجد بديل واضح لواشنطن لتوفير التوجيه الاستراتيجي للأحداث العالمية.
تتسم السياسة الخارجية للإدارة الجديدة بـ الضبابية وعدم اليقين. فمن جهة، هناك ميل واضح نحو نهج أحادي والضغط على الحلفاء الأوروبيين لزيادة إنفاقهم الدفاعي، مما يترك الباب مفتوحاً أمام اختبارات محتملة لـ صلابة التحالف الغربي من قبل قوى مثل روسيا. ومن جهة أخرى، لا يتوقع أن تسعى واشنطن أو بكين إلى أزمة عالمية كبرى في 2025، مع تركيز قادة البلدين على الأولويات المحلية.
فيما يتعلق بالعلاقات مع دول الجوار، خاصة المكسيك، تبقى قضايا الهجرة والتهديد بفرض رسوم جمركية على الواردات من المكسيك وكندا نقاط خلاف رئيسية، مما قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط الاقتصادية على المنطقة.
في الختام، يبدو أن عام 2025 في الولايات المتحدة سيكون عاماً مليئاً بالتحولات الداخلية المثيرة للجدل، وسياسات اقتصادية غير تقليدية، وتحولاً في الدور العالمي نحو الانفرادية والتركيز الداخلي. تلك التحولات ستكون لها تداعيات عميقة على الداخل الأمريكي وعلى النظام العالمي بأكمله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى