بعد إيطاليا وإسبانيا… تركيا تُحَرِّك ثلاثة مسيارات لحماية “أسطول الصمود” المتجه إلى غزة

بعد إيطاليا وإسبانيا… تركيا تُحَرِّك ثلاثة مسيارات لحماية “أسطول الصمود” المتجه إلى غزة
بقلم: محمد عقيل
لم تعد قضية “أسطول الصمود العالمي” مجرد مبادرة مدنية لإيصال المساعدات؛ بل تحولت إلى ساحة مواجهة دبلوماسية ولوجستية على أعلى المستويات في البحر المتوسط. فبعد أن تعرضت سفن الأسطول لهجمات بطائرات مسيَّرة أثناء إبحارها، وما تلا ذلك من تحرك أوروبي بقرار إيطاليا وإسبانيا إرسال سفن حربية لمرافقة الأسطول وحمايته، جاء الدور على تركيا لتؤكد ثقلها الإقليمي ودعمها الثابت للقضية الفلسطينية.
انتقلت أنقرة من مرحلة التنديد إلى مرحلة الدعم العملي الفوري، مُحَرِّكةً ثلاثة مسارات متكاملة لضمان سلامة السفن ونجاح مهمتها في كسر الحصار البحري عن قطاع غزة، متجاوزة بذلك ما يُسمى بـ”الخطوط الحمراء” التي يحاول البعض رسمها في المياه الدولية.
1. المسار الأول: الدرع الجوي… المراقبة والردع بالمسيّرات التركية
المخاطر الأكبر على “أسطول الصمود” لم تأتِ من القطع البحرية المباشرة، بل من الطائرات المسيَّرة (الدرونز) التي استهدفت السفن بتشويش واتصالات وقنابل صوتية ودخانية. لهذا، كان أول وأبرز تحرك تركي هو إقحام طائرات مسيَّرة تركية في مهمة المرافقة والحماية.
- المراقبة المستمرة: توفر هذه المسيَّرات، التي تتميز بقدرات رصد متقدمة، غطاءً جوياً على مدار الساعة لرصد أي تحركات أو اقتراب من قوارب أو طائرات غير معروفة في محيط الأسطول.
- عامل الردع: وجود مسيَّرات تابعة لدولة ذات ثقل إقليمي مثل تركيا يمثل بحد ذاته رسالة ردع قوية لمن يفكر في تكرار الاعتداء، خاصة أن أي استهداف لهذه الطائرات سيُعتبر اعتداءً مباشراً على طرف إقليمي فاعل.
2. المسار الثاني: المظلة الدبلوماسية… تحشيد المواقف الدولية
تدرك أنقرة أن الحماية الميدانية لا تكتمل دون مظلة دبلوماسية قوية. وعليه، تحركت الدبلوماسية التركية على جبهتين:
- بيانات التحذير المشترك: شاركت تركيا في بيانات دولية، معلنةً دعمها الكامل للأسطول ورفضها القاطع لأي محاولة لعرقلته أو المساس بسلامة النشطاء على متنه. هذا التضامن يضاعف تكلفة أي قرار باعتراض الأسطول.
- التنسيق مع القوى الأوروبية: عززت تركيا التنسيق مع إيطاليا وإسبانيا، اللتين أرسلتا سفناً حربية للحماية. هذا التنسيق يضع الأسطول تحت حماية فعلية لـ**”تحالف بحري إنساني” غير مُعلن**، مما يزيد من الضغط على أي طرف يحاول تعطيل المهمة، لكونه سيواجه الآن أكثر من جبهة دولية.
3. المسار الثالث: الدعم اللوجستي وتأمين مسار الوصول
مع اقتراب الأسطول من “المنطقة البرتقالية” (الأكثر عرضة للاعتراض)، أصبح الدعم اللوجستي وتأمين مسار الإبحار أولوية قصوى.
- الإسناد البحري: يُعتقد أن سفناً تركية، رسمية أو غير رسمية، تقدم إسناداً لوجستياً للأسطول، خاصة فيما يتعلق بالإمدادات الضرورية لآلاف الأميال المتبقية.
- تنسيق مسار الإبحار الآمن: تعمل الجهات التركية المختصة على تزويد الأسطول بمعلومات حول مسارات الإبحار البديلة وتأمينها، خاصة مع تواتر الأنباء عن محاولات التشويش الإلكتروني على أنظمة الملاحة والاتصالات. الهدف هو توجيه السفن نحو النقطة الأقل خطورة وذات الشرعية الدولية الأقوى.
إن الجمع بين الدعم البحري الأوروبي (إيطاليا وإسبانيا) والغطاء الجوي التركي يُشكل سابقة في دعم الجهود المدنية لكسر الحصار. فـ”أسطول الصمود” اليوم لا يذهب وحيداً، بل ترافقه إرادة دولية متصاعدة ترفض سياسة التجويع والحصار. هذا التضامن هو جوهر “الصمود” الحقيقي.