مقالات الرأي

وجوه مختلفة.. ودم واحد

بقلم خالد البنا

 

بقلم خالد البنا 

وجوه مختلفة.. ودم واحد


إسرائيل، والجماعات المتطرفة، والدعم السريع  تطهير بلون واحد

في زمنٍ امتلأ بالدم والصور الصادمة، يصعب أن تفرّق بين صوت القصف في غزة وصوت الرصاص في دارفور، أو بين لقطات الذبح في تسجيلات الجماعات الإرهابية، ووجوه المدنيين المذعورين في السودان.
كلها مشاهد من مشهدٍ واحد… مشهد الإنسان المقتول باسم “الحق”.
اللافت أن القاتل في كل مرة يحمل اسمًا مختلفًا وشعارًا متناقضًا:
هنا “جيشٌ نظاميّ” يدّعي الدفاع عن النفس، وهناك “تنظيم ديني” يزعم نصرة العقيدة، وفي الجنوب “ميليشيا” ترفع شعار الثورة ضد التهميش.
لكن الحقيقة التي تتسلّل بين سطور البيانات هي واحدة: تطهير عرقي وديني ومذهبي، لا يرى في الإنسان إلا لون دمه أو اسم قبيلته أو ديانته.
في غزة، تُقصف البيوت فوق رؤوس الأطفال بحجة “محاربة الإرهاب”، وفي دارفور تُحرق القرى لأن أهلها من قبيلة بعينها، وفي سوريا والعراق واليمن قُتل الناس لأنهم “من طائفة أخرى”.

 

النتيجة واحدة: مدنيون بلا ذنب، وتاريخ يُكتب بلغة المأساة.
الجماعات الإسلامية المتطرفة التي رفعت رايات الدين قطعت الرؤوس ونسيت قوله تعالى «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا».

وإسرائيل التي تتغنّى بالديمقراطية تمارس أمام العالم سياسة الأرض المحروقة، لا تفرّق بين مقاوم وطفل.
أما قوات الدعم السريع في السودان فقد تحوّلت من “قوة أمنية” إلى آلة تطهير وقتل جماعي، تقتل وتوثّق وتبثّ جرائمها كأنها فيلم انتصار.
المفارقة المؤلمة أن الجميع يوثّق جرائمه بنفسه.
الكاميرا أصبحت شاهدًا لا يمكن دفنه، تكشف للعالم أن القاتل لم يعد يخجل، بل يستعرض فظاعته كرسالة خوف لكل من يفكر في مقاومته.
لكن ماذا بعد الخوف؟
شعوب تنهض من تحت الركام، ووعي عالمي بدأ يتغيّر، وصوت جديد يقول: “الدم لا يبرر بالسياسة”.
لقد آن الأوان لندرك أن العنف مهما تلون، فهو عدو الإنسانية الأول، وأن التطهير العرقي والديني والمذهبي — مهما تغيّرت راياته — هو جريمة لا تسقط بالتقادم.
القتل ليس شجاعة، والتوثيق ليس بطولة.
والذين يقتلون المدنيين — في أي مكان وتحت أي شعار — يقفون في الجهة نفسها من التاريخ: الجهة المظلمة.
الإنسان أولًا… والعدالة آخر ما تبقى لنا من ضوء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى