أحزاب ونوابمقالات الرأي

ديمقراطية المهلبية

ديمقراطية المهلبية

بقلم خالد البنا 

في القرى المصرية، لا تُنتخب العقول، بل تُنتخب العصبيات.

قبل الانتخابات بأيام

يعقد المرشح جلسة عامة لأهل قريته، يجلس الجميع في فناء واسع أو تحت خيمة بلاستيكية، وتبدأ الوجوه المعروفة تتكلم. يظهر أحدهم ويقول بحماسة: “ابن بلدنا أولى بالكرسي!”، وكأن البرلمان وقفٌ على الجغرافيا لا على الكفاءة.

ثم تبدأ الدعوات السرّية

كل زوجة تستنفر أهلها في القرية المجاورة، وكل تاجر يوصي عملاءه، وكل موظف يستغل زملاءه.

تتحرك الشفاعات والعواطف أكثر مما تتحرك البرامج الانتخابية.

فيأتي المرشح المعلم فيطالب زملاءه المعلمين بالتبرع بعشرة جنيهات “علشان اللافتات”، وكأننا في مسرحية عبثية، يدفع فيها الناخب من جيبه ليُعلن ولاءه لمن يريد أن يحكمه!

أما في المدن

فالمواطنون اكتشفوا اللعبة، سئموا الوعود وملّوا المسرحيات.

صاروا يكتفون بالصمت أو اللامبالاة، تاركين الساحة لحزب الحكومة يفعل ما يشاء، وكأن الديمقراطية تحوّلت من وسيلة للتعبير إلى طبق مهلبية؛

يُقلب كما يُريد الطاهي،

ويُقدّم باردًا بلا طعم،

ثم يقولون لنا: “هذه هي إرادة الشعب!”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى