استغاثةالأسرة والمجتمع

حين يأكل الوطن أبنائه 

حين يأكل الوطن أبنائه 

بقلم خالد البنا 

 الفصل الأول: حين ظنّ السودانيون أن الفجر قريب

في أبريل سنة 2019، خرج السودانيون بالملايين يهتفون “حرية، سلام، وعدالة”.

سقط عمر البشير بعد ثلاثين سنة من الحكم الحديدي، وبدأت البلاد تحلم ببداية جديدة.

الجيش وقف مع المتظاهرين ظاهريًا، والدعم السريع

— اللي كان ميليشيا اسمها “قوات الجنجويد” في دارفور — أعلن تأييده للثورة برضه.

لكن في الكواليس، كان كل طرف بيجهّز نفسه ليوم الحساب.

الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان اعتبر نفسه “الوصي الطبيعي” على السودان.

أما الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، فكان شايف إنه هو اللي أنقذ الثورة، وإنه أحق بالسلطة.

ومن هنا بدأت اللعبة القاتلة: جيشان داخل جيش واحد، كلاهما يظن أنه المنقذ.

 الفصل الثاني: الخرطوم تشتعل

في أبريل 2023، انفجرت الشرارة.

صباح يومٍ عادي، سمع الناس في الخرطوم دويّ الرصاص.

الناس ما فهموش في الأول — هل دي مناورة تدريب؟ ولا انقلاب جديد؟

لكن مع الغروب، كانت السماء حمراء من القصف، والمدينة تتحول إلى ساحة حرب.

الجيش يسيطر على القيادة العامة والمطار.

والدعم السريع يحتل القصر الجمهوري وبعض المقار الحيوية.

المواطن العادي كان في النص — لا مع دول ولا مع دول — بس بيحاول يحمي أولاده من الشظايا.

البيوت اتكسرت، المستشفيات اتقفلت، الناس بقت تعيش في أدوار تحت الأرض.

البنزين والخبز بقى حلم، والمياه تقطع أيام.

المدارس اختفت، والعملة انهارت.

مئات الآلاف نزحوا، وملايين بقوا بلا مأوى.

الفصل الثالث: الحرب تمتد إلى دارفور

دارفور اللي كانت أصلاً مثخنة بالجراح، رجعت تاني مسرحًا للعنف.

الفاشر، نيالا، الجنينة — أسماء كانت لمدن هادئة، صارت اليوم رموزًا للجوع والمجازر.

قوات الدعم السريع سيطرت على أغلب مناطق الإقليم،

الجيش انسحب، والناس وقعت بين المطرقة والسندان.

القرى اتحرقت، والمستشفيات نُهبت، والمساعدات الإنسانية اتمنعت.

تقرير الأمم المتحدة بيقول إن عدد القتلى تجاوز 15 ألفًا، والمصابين بالملايين.

المدني البسيط في الفاشر ما بقاش بيسأل مين غلط ومين صح،

هو بس عايز “يأكل رغيف ويشرب مية ويعيش يوم تاني”.

 الفصل الرابع: خسائر بلا معنى

الحرب دي أكلت كل حاجة:

الاقتصاد انهار تمامًا.

الجنيه السوداني فقد قيمته.

أكثر من 10 ملايين شخص نزحوا من بيوتهم.

الخدمات الأساسية — كهرباء، مياه، صحة، تعليم — اختفت.

انتشرت المجاعة والأوبئة.

العائلات اتقطّعت: الأب في معسكر نازحين، الأم في مدينة تانية، والأولاد مش معروف مصيرهم.

حلم السودان الموحد بقى صحراء من الرماد.

🕊️ الفصل الخامس: هل فيه أمل؟

رغم كل السواد، فيه لسه ناس بتحلم.

فيه مبادرات من الاتحاد الأفريقي، ومن دول زي السعودية ومصر والإمارات وتشاد،

لكن كل هدنة كانت بتنهار قبل ما يجف حبرها.

السبب؟

لأن كل طرف شايف إن النصر الكامل ممكن،

والسوداني العادي هو اللي بيدفع التمن.

الحل الحقيقي مش في البندقية،

ولا في الغلبة العسكرية،

لكن في “مصالحة سودانية سودانية”،

تعترف بكل الأخطاء وتعيد بناء الثقة من الصفر.

السودان محتاج الآن حوار وطني شامل

يجمع الجيش والدعم السريع والمدنيين،

ويحطّ دستور جديد يوقف الدائرة دي من الدم.

 النهاية المفتوحة:

الحرب ما خلّتش رابح.

حتى اللي كسب أرضًا خسر شعبًا.

واللي رفع الراية البيضاء، رفعها فوق جثة وطن تعب من البكاء.

لكن زي ما قال شاعر سوداني قديم:

“ما بنخاف من بكرة، مدام فينا روح بتقول: أنا سوداني.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى