آداب وفنونمنوعات

عودة الأصنام

*عودة الأصنام… بين التراث والتجديف: أين تقف البوصلة*

 

 

*بقلم: أمير وليد عوض*

 

 

 

 

 

في مشهدٍ أثار جدلًا واسعًا في الأوساط العربية والإسلامية، ظهرت صور وتقارير تشير إلى عرض تماثيل «هُبَل» و«اللات» و«العُزّى» في أحد المتاحف السعودية، تحت شعار الحفاظ على التراث القديم.

ورغم أن الهدف المعلن هو توثيق التاريخ، فإن عودة هذه الرموز الوثنية إلى الواجهة تطرح تساؤلات خطيرة حول حدود ما يمكن اعتباره “إرثًا ثقافيًا”، وما يجب أن يبقى في طيّ النسيان حفاظًا على عقيدة أمة قامت على التوحيد.

 

 

 *من التراث إلى الاستفزاز*

 

التراث لا يُقاس فقط بعمر القطعة الأثرية، بل بقيمتها المعنوية وتأثيرها الفكري في الوعي الجمعي.

عرض الأصنام القديمة في أرضٍ كانت مهدًا للتوحيد ومهبطًا للوحي، ليس حدثًا عابرًا، بل إشارة تثير الحيرة:

هل نُعيد استحضار الماضي الوثني باسم “التاريخ”؟

أم أننا نُضعف قدسية الحاضر بالتغاضي عن الرموز التي حاربها الإسلام في بداياته؟

 

 

 

 *البعد الديني والرمزي*

 

إن الأصنام التي كانت تُعبد من دون الله ليست مجرد تماثيل حجرية، بل رموز لعقيدة باطلة أزالها الإسلام بوضوح وقوة.

ولذلك، فإن عرضها في متاحف رسمية داخل المملكة –مهما كانت النوايا– قد يُفهم على أنه نوع من “التمجيد غير المباشر”، أو ترويج لصورة مشوّهة عن معنى التوحيد الخالص الذي قامت عليه الدولة منذ تأسيسها.

 

 

 

 *بين التوعية والانزلاق*

 

ليس من الخطأ دراسة التاريخ، لكن الخطأ هو تغييب الحدود بين الدراسة والتمجيد.

يمكن توثيق الماضي دون إعادة إحيائه بصريًا أو دعائيًا، ويمكن تعليم الأجيال عن الجاهلية دون نصب أصنامها في قاعات فخمة ومكيّفة.

الفرق دقيق لكنه جوهري، والمسؤولية تقع على الجهات الثقافية والإعلامية في ضبط هذا الخط الفاصل، حتى لا يتحول المتحف إلى منبرٍ لإعادة الرموز التي أُبيدت من أجل بقاء التوحيد.

 

 

 

 *خاتمة*

 

إن احترام التراث لا يعني المساس بالعقيدة.

فالتاريخ يُروى ليُفهم، لا ليُستعاد.

ولذلك فإن عرض الأصنام في أي شكلٍ من أشكال “التكريم المتحفي” يُعدّ تجاوزًا خطيرًا للهوية الإسلامية، وخلطًا بين الماضي الذي اندثر والحاضر الذي يجب أن يصونه الإيمان والعقل معًا.

حماية العقيدة ليست تقييدًا للثقافة، بل هي صمام أمان يحفظ روح الأمة من الانزلاق في دروب الرمزية الفارغة والفتنة الفكرية.

 

 

 

أرى –بوصفي كاتبًا وصحفيًا عربيًا– أن أي خطوة تتعلق بعرض الأصنام القديمة، حتى لو بدافع ثقافي أو أثري، يجب أن تُراجع بعين الدين والعقل معًا.

فنحن أمة بُنيت على «لا إله إلا الله»، ولا يجوز أن يُعاد إلى الواجهة ما أزاله الله على يد نبيه ﷺ.

إن التوازن بين التاريخ والعقيدة مسؤولية وطنية ودينية في آنٍ واحد، وأي تهاون في هذا المجال قد يفتح بابًا لا يُغلق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى