ملتقى الحلقة الزرقاء

د. نظير محمد يقول فى ملتقى الحلقة الزرقاء
:
بقلم/ د. حنان حسن مصطفي
لا يمكن لأى نظام سياسي أو دينى أن يقوم دون أن يرتكز على دوال أساسية ، فحين تنهار إحدى هذه الدوال، ينهار معها المعنى والمضمون، وينعكس هذا أيضا فى العيادة التحليلية، حيث يظهر احيانا ارتباط المحلل بدوال جامدة. وما على المحلل فعله هو التقاط هذه الدوال أثناء التداعى الحر، فالمسار العيادى بهدف إلى تفكيكها وإدخالها فى سلسة لغوية.
الاخر الكبير هو اللغة ويتجسد فى رموز متعددة الام ، رجل الدين ، الحاكم، وغيرها مما يحد من إمكانية النقاش الحر. من خصائص هذا الاخر أنه يملى ولا يناقش، ويضع قواعد ثابته للوجود الاجتماعى والفكرى فى الثلاثية التى كتبها الدكتور / نظير يركز على دور الكلمة ، الاب ، الرابط الاجتماعى، ويبرز قوة السرد والحكى عبر الكلمة. الكلمة هنا ليست مجرد وسيلة للتواصل، با سلطة تمارس على الآخرين، وفى الوقت نفسه يخضع مستخدمها لقوتها. الكلام يجمع الرجال فى وحدة رمزية يسكر القلوب ، ويترك اثر نفسيا عميقا. وهنا يمكن استذكار قيس بن الملوح فحبه لليلى تجاوزها كموضوع الى هيام يكون الخب نفسه موضوعه.
إضافة إلى ذلك، وفقا الكاتب المسرحى أرسطو فان: كان البشر فى القدم كائنات كاملة وقوية لكن غرورهم اغضب الآلهة فقرر زيوس أن يضعفهم دون أن يفنيهم، فقسم كل واحد إلى نصفين. ومنذ ذلك الحين،اصبح كل نصف يبحث عن نصفه الاخر لاستعادة اكتماله المفقود. من هنا ولد الحب : لبس مجرد رغبة جسدية بل حنين للإنسان إلى وحدته الأصلية وسعيه المستمر لاستعادة كماله المفقود. الخب إذا رحلة بحث عن النصف المفقود، تعبر عن النقص والافتقاد الذى يسكن الإنسان الأول.
لاحقا: قرأ جاك لاكان هذا النص قرأة رمزية، معتبر أن الذات الإنسانية تولد من فقد وانقسام اصلى، وان الرغبة هى أثر هذا الفقد، محاولة دائمة لاستعادة الكمال الذى لا يمكن استعادته تماما. لذلك الخب ليس اتحادا حقيقيا بل وهم اتحاد ورغبة فى تجاوز الانقسام الذى يشكل اصل الوجود الانسانى. كما يقول لاكان: (Il n’y pasdera pport esxuel) اى لا يوجد صلة جنسية حقيقية .
ما معناه أن البحث عن الاكتمال عبر اللقاء بالآخر وهم محكوم بالاحباط والفشل. وهذا ما يسميه لاكان المتعة الفالوسية (Jouissance Phallique) . ومن الجدير ذكره أن الذكر يخضع كليا للنظام الرمزى فتنحصر متعته بالمتعة الفالوسية، مما يسمح لها بالعبور إلى المتعة الأخرى “La Joussance de l’ Autre” ومن جهه اخرى، يقول فرويد ” الأنا ليس سيد فى مقره” يوافقه لاكان فى عبارته الشهيرة: ” افكر حيث لا اكون” لذا اكون حيث لا افكر” اى أن الذات الحقيقية تتجاوز حدود الفكر الواعى ، والواعى نفسه ليس الواقع النهائى للوجود، بل جزء من شبكة اكبر تشمل اللاوعى.
اخيرا ، تعكس عبارة جاك لاكان : ” لا تعطى ما اطلبه منك لانه ليس ما اطلبه” جوهى الرغبة الإنسانية. فهى تذكير بأن ما نسعى إليه دائما يفوق ما يمكن للآخر أن يمنحه لنا. أن رغبتنا ليست مجرد طلب مباشر، بل هى تعبير عن نقص بنيوى فى ذاتنا عن الفراغ الذى يسكننا منذ الانقسام الاصلى.



