سياسة

صالح الجعفراوي: صوت غزة الذي أُسكت بالرصاص

صالح الجعفراوي: صوت غزة الذي أُسكت بالرصاص

بقلم: محمد عقيل

بينما كانت عدسته توثق الحقيقة، وكلماته تنقل الألم والأمل، أُسكت صوت الصحفي الفلسطيني البارز، صالح الجعفراوي، برصاص الغدر. اليوم، 12 أكتوبر 2025، فُجعت الصحافة الفلسطينية والعربية بفقدان واحد من أبرز فرسانها الميدانيين، الذي ارتقى شهيداً جنوب مدينة غزة، تاركاً وراءه إرثاً من الشجاعة والمصداقية، وفراغاً كبيراً في ساحة تغطية الأحداث في قطاع غزة.

من هو صالح الجعفراوي؟

لم يكن صالح الجعفراوي مجرد صحفي عابر، بل كان “عين الحقيقة” في منطقة تعد من أصعب بيئات العمل الصحفي في العالم. عُرف بشجاعته في التواجد في قلب الأحداث، متنقلاً بين ركام المنازل، وفي أزقة المخيمات، ووسط تجمعات المواطنين، لينقل للعالم صورة حية وصادقة عن الحياة اليومية تحت الحصار والعدوان.

تميزت تغطياته بالتركيز على الجانب الإنساني، مسلطاً الضوء على قصص الصمود والتحدي للأفراد والأسر في غزة. لم تكن تقاريره مجرد أرقام وإحصائيات، بل كانت حكايات تنبض بالحياة، تروي أحلام الأطفال، وصبر الأمهات، وكفاح الشباب. استخدم منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي بفاعلية، ليخلق نافذة مباشرة وشفافة، متجاوزاً بها قيود الإعلام التقليدي، ومخاطباً بها ضمير العالم مباشرة.

تفاصيل الاغتيال الأليمة:


حسب المصادر الأولية من غزة، استُشهد الجعفراوي على يد مسلحين في جنوب المدينة. ورغم أن التفاصيل الكاملة حول هوية الجناة ودوافعهم لم تتضح بعد بشكل رسمي، إلا أن عملية الاغتيال هذه تحمل بصمات واضحة لمحاولة إسكات الأصوات الحرة التي تفضح الانتهاكات وتوثق جرائم الحرب. إن استهداف صحفي بشكل مباشر هو رسالة ترهيب لكل من يحمل كاميرا أو قلماً في سبيل الحقيقة، ومحاولة يائسة لطمس الواقع.

أهمية عمله وتأثيره:

في ظل التعتيم الإعلامي والاستقطاب الشديد، كان صالح الجعفراوي واحداً من المصادر الموثوقة التي يلجأ إليها المتابعون من كافة أنحاء العالم لفهم ما يجري حقيقةً على الأرض. لقد نجح في كسر السرديات أحادية الجانب، وتقديم رؤية شاملة ومعقدة للوضع في غزة. لم يتردد في توثيق الدمار، ولكنه في الوقت نفسه، كان حريصاً على إبراز مظاهر الحياة والإرادة الصلبة لدى الفلسطينيين.

كانت مقاطعه المصورة، التي غالباً ما تبدأ بعبارته الشهيرة، بمثابة شهادات حية، لا يمكن إنكارها، ساهمت في تشكيل الرأي العام العالمي وفهم أعمق للقضية الفلسطينية.

خاتمة: إرث لن يموت



إن اغتيال صالح الجعفراوي هو جريمة نكراء بحق الصحافة والإنسانية، وخسارة فادحة للحقيقة. لكن الأصوات الحرة لا تموت بالاغتيال. لقد ترك الجعفراوي خلفه أرشيفاً غنياً من التغطيات والشهادات التي ستظل شاهداً على جرائم الاحتلال وصمود الشعب الفلسطيني. كما ترك إلهاماً لجيل جديد من الصحفيين الشباب ليحملوا الراية من بعده، ويواصلوا رسالته في نقل الحقيقة، مهما كان الثمن.

سيظل اسم صالح الجعفراوي خالداً في ذاكرة فلسطين، رمزاً للصحفي الشجاع الذي دفع حياته ثمناً لمهنته وواجبه الوطني والإنساني. دمه لن يذهب هدراً، بل سيبقى منارة تضيء طريق الباحثين عن العدالة والحرية.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى