سياسة

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو: الهوية المزدوجة وأزمة التأشيرة الأمريكية

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو: الهوية المزدوجة وأزمة التأشيرة الأمريكية

 

**بقلم محمد عقيل**

المدخل: من التعددية الثقافية إلى التوتر الدبلوماسي

 

يُعد الرئيس الكولومبي الحالي، **غوستافو فرانسيسكو بيترو أوريغو**، شخصية محورية بصفته أول رئيس يساري يصل إلى سدة الحكم في كولومبيا الحديثة. تتشابك هويته الشخصية مع مواقفه السياسية الجريئة، خاصة فيما يتعلق بجنسيته المزدوجة (الكولومبية والإيطالية)، والتي برزت أهميتها بشكل لافت مؤخراً على خلفية أزمة دبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية تمثلت في **إلغاء تأشيرته الأمريكية**، وليس سحب جنسيته الأمريكية.

 

 

الهوية الأولى: الجنسية الكولومبية وتاريخ النضال

 

الجنسية الكولومبية هي الهوية الأساسية لغوستافو بيترو، وهي التي منحته الشرعية لقيادة البلاد وتحديد مسارها السياسي.

 

* **الميلاد والنشأة الوطنية**: ولد بيترو في مدينة **سيناغا دي أورو** الكولومبية عام ميلادية، ونشأ متأثراً بالتحديات الاجتماعية والسياسية في بلاده.

* **المسار السياسي**: بدأ بيترو حياته في صفوف حركة التمرد اليسارية **حركة أبريل** قبل أن يتحول إلى العمل السياسي الشرعي. مسيرته تضمنت مناصب عليا كعضو في البرلمان و**عمدة لبوغوتا**، وصولاً إلى الرئاسة، مما يرسخ عمق جذوره الكولومبية.

* **المواقف الدولية**: اتسمت رئاسته بمواقف يسارية مناهضة لبعض السياسات الأمريكية التقليدية، خاصة فيما يتعلق بقضايا مكافحة المخدرات والنزاعات الدولية، مما أدى إلى توترات مستمرة مع واشنطن.

 

 

الهوية الثانية: الجنسية الإيطالية والميزة الأوروبية

 

إلى جانب الجنسية الكولومبية، يحمل بيترو **الجنسية الإيطالية** بفضل أصوله الأوروبية، حيث يعود نسبه إلى مهاجرين إيطاليين استقروا في كولومبيا.

 

* **القانون الإيطالي**: اكتسب بيترو الجنسية الإيطالية استناداً إلى مبدأ “حق الدم” (Jus Sanguinis)، مما يجعله مواطناً أوروبياً.

* **البعد العملي**: تمنح الجنسية الإيطالية بيترو ميزة عملية على الساحة الدولية، حيث يوفر له جواز سفره الأوروبي سهولة في التنقل والسفر إلى العديد من دول العالم دون قيود تأشيرة مسبقة.

 **أزمة نيويورك: إلغاء التأشيرة الأمريكية والأفعال التحريضية**

 

شهدت العلاقات بين واشنطن وبوغوتا تصعيداً غير مسبوق تمثل في قرار وزارة الخارجية الأمريكية بإلغاء تأشيرة دخول الرئيس بيترو.

 

* **سبب الإلغاء**: جاء القرار الأمريكي إثر مشاركة بيترو في وقفة احتجاجية في نيويورك، حيث وجه نداءً علنياً لـ **جنود الجيش الأمريكي** يحثهم فيه على **رفض أوامر الرئيس الأمريكي** والامتثال “لأمر الإنسانية”، وهو ما اعتبرته واشنطن “أفعالاً متهورة وتحريضية”.

* **التأكيد على التأشيرة**: من الضروري التوضيح أن الإجراء الأمريكي اقتصر على **إلغاء تأشيرة الدخول** الممنوحة له بصفته رئيس دولة، ولم يكن سحباً لـ “جنسية أمريكية” لا يحملها أصلاً.

* **رد بيترو**: أكد الرئيس الكولومبي أنه لا يكترث لقرار واشنطن، مشيراً إلى أن صفته كمواطن أوروبي (بفضل جنسيته الإيطالية) تضمن له حرية التنقل عالمياً، مما يعكس مرونة هويته المزدوجة في مواجهة الضغوط السياسية.

 

 

 **الخلاصة: تحدي السيادة في العلاقات الدولية**

 

تجسد حالة غوستافو بيترو نقطة تقاطع بين الهوية الشخصية والسياسة الخارجية. إن حيازته لجنسية أوروبية في مواجهة إلغاء التأشيرة الأمريكية لا يمثل مجرد تفصيل، بل يؤكد على موقفه الرافض للإملاءات الخارجية، مما يزيد من تعقيد المشهد الدبلوماسي ويبرز التحديات التي يواجهها الزعماء ذوو التوجهات اليسارية في أمريكا اللاتينية عند التعامل مع القوى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى