سياسة

رئيس كولومبيا يقلب الطاولة: “جيش دولي” لتحرير فلسطين

هل انتهى زمن التنديد؟

كتب: محمد عقيل

شهدت منصة *الجمعية العامة للأمم المتحدة* مؤخراً دعوة مدوية وغير مسبوقة، أطلقها الرئيس الكولومبي *غوستافو بيترو، لتشكيل “جيش دولي قوي” بهدف **تحرير فلسطين* ووقف ما وصفه بـ “*الإبادة الجماعية*” في قطاع غزة. هذه الدعوة الجريئة، القادمة من رئيس دولة في أمريكا اللاتينية، تُمثّل زلزالاً سياسياً يضع المجتمع الدولي أمام خيار صعب: إما الفعل أو الاستمرار في صم الآذان.

من الخطاب إلى السلاح: فشل الدبلوماسية يفتح باب القوة

لم يعد الرئيس بيترو يرى جدوى من اللغة الدبلوماسية المهذبة. فقد أكد في كلمته أن *التنديد والشجب لم يعد كافياً* لمواجهة الجرائم في غزة، وأن الدبلوماسية فشلت في إحلال السلام. هذه النبرة الحادة هي إعلان عن أن الحلول السلمية والإطار الأممي التقليدي قد وصلا إلى طريق مسدود بسبب *عرقلة القوى الكبرى* (في إشارة واضحة إلى حق النقض “الفيتو”).

لقد دعا بيترو صراحة إلى “جيش قوي من الدول التي لا تقبل الإبادة الجماعية”، مستخدماً عبارة “يجب أن نحرر فلسطين”. هذا الطرح يكسر جمود الخطاب السياسي التقليدي، وينقل النقاش من خانة “حل الدولتين” إلى خانة “التحرير”، متجاوزاً بذلك حتى سقف المطالب التي يتبناها بعض القادة العرب والفلسطينيين أنفسهم.

دلالات تاريخية: صعود صوت “الجنوب العالمي”

تكتسب دعوة بيترو عمقاً خاصاً كونها تأتي من *الجنوب العالمي*. فبصفته زعيماً يسارياً يتبنى خطاباً مناهضاً للهيمنة، ربط بيترو الصراع في غزة بالهيمنة الأمريكية وحلف الناتو، منتقداً “الطغيان والشمولية” التي ترعاها هذه القوى.

وتشير الدعوة التي وجهها بيترو إلى جيوش *آسيا* و*الشعب السلافي العظيم* و*جيوش بوليفار* في أمريكا اللاتينية، إلى محاولة جادة لتشكيل *تحالف عالمي جديد* يعمل خارج سيطرة الأمم المتحدة المعطلة. هذا التحالف يهدف إلى كسر احتكار القوى العظمى للقرار الدولي والدفاع عن قضايا العدالة وحقوق الإنسان بالقوة العسكرية إذا لزم الأمر.

دعم فوري وتحديات قائمة

لم تكن دعوة بيترو مجرد صرخة في واد. فقد لاقت استجابة فورية ومهمة من *إندونيسيا، التي أعلنت استعدادها لإرسال **20 ألف جندي* للمشاركة في قوة محتملة للنشر في غزة. هذا الدعم الفوري يمنح المبادرة *زخماً عملياً* يتجاوز الجانب النظري.

لكن المبادرة تواجه تحديات هائلة:

1. *الشرعية الدولية:* أي تحرك عسكري بهذا الحجم خارج إطار الأمم المتحدة يُعتبر خرقاً للقوانين الدولية، ويواجه مقاومة عنيفة من القوى الغربية.
2. *التنفيذ اللوجستي:* تشكيل قوة عسكرية عالمية بهذا التعقيد يتطلب تنسيقاً وتمويلاً لم يتم تحديدهما بعد.
3. *التصعيد العسكري:* يخشى الكثيرون أن تتحول هذه الدعوة إلى شرارة لـ *حرب إقليمية أو عالمية* أكبر، بدلاً من إحلال السلام.

الكلمات انتهت، فهل يبدأ الفعل؟

إن موقف بيترو ليس مجرد دعم عاطفي لفلسطين؛ إنه *نقد جذري* للنظام العالمي القائم. الدعوة إلى جيش دولي لتحرير فلسطين هي أقصى درجات التعبير عن اليأس من الدبلوماسية، وتحويل لموازين القوة من قاعات المفاوضات إلى خيار التدخل العسكري كحل أخير.

سواء تحولت هذه الدعوة إلى حقيقة أو بقيت مجرد فكرة جريئة، فقد نجح الرئيس الكولومبي في إجبار العالم على التفكير بجدية في نقطة اللاعودة: هل سنستمر في مشاهدة “الإبادة الجماعية” تحت غطاء الدبلوماسية، أم أن الوقت قد حان لتطبيق شعار القائد الفنزويلي سيمون بوليفار الذي استشهد به بيترو: *”الحرية أو الموت”؟*

المستقبل القريب هو الوحيد القادر على تحديد ما إذا كانت صرخة بيترو ستتحول إلى مجرد عنوان في صحيفة، أم أنها ستكون بداية لتحالف تاريخي يغير وجه الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى